الخميس، 6 أكتوبر 2016

العادة وأثرها على السلوك

العادة وأثرها على السلوك

الإشكال:هل العادة مجرد ميل أعمى أم أنها سلوك إيجابي؟
إن حياة الإنسان لا تقتصر على التأثر بل تتعداها إلى التأثير ويتم له ذلك بتعلمه مجموعة من السلوكات بالتكرار وفي أقصر وقت ممكن والتي تصبح فيما بعد عادات أو هي كما يقول أرسطو طبيعة ثابتة وهي وليدة التكرار،إن العادة تحتل جانبا كبيرا في حياة الفرد ولهذا فقد اختلف الفلاسفة في تفسير العادة وأثرها،ومن هنا يتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي:هل اكتساب العادات يجعل من الإنسان مجرد آلة أم أنها تثري حياته؟،أو بالأحرى هل العادة مجرد ميل أعمى أم أنها تمثل سلوك إيجابي في حياة الفرد؟.
يرى أصحاب الرأي الأول(جون جاك روسو،بافلوف،كوندياك).أن للعادة آثار سلبية على حياة الأفراد،فهي تسبب الركود وتقضي على المبادرات الفردية والفاعلية وتستبد بالإرادة فيصير الفرد عبدا لها فسائق السيارة الذي تعود على السير في اليمين يواجه صعوبة كبيرة إذا ما اضطر إلى قيادة سيارته في اليسار ففي مثل هذه الحالة تتعارض العادات القديمة مع العادات الجديدة،كذلك أنها تضعف الحساسية وتقوي الفعالية العفوية على حساب الفعالية الفكرية،فالطبيب يتعود على ألا ينفعل لما يقوم به من تشريحات والمعاينة المستديمة لمشهد البؤس فيما يقول روسو(إن كثرة النظر إلى البؤس تقسي القلوب)،وقد نبه الشاعر الفرنسي سولي برودوم: (أن جميع الذين تستولي عليهم قوة العادة يصبحون بوجوههم بشرا بحركاتهم آلات)ثم إن العادة تقضي على كل تفكير نقدي إنها تقيم في وجه الإنسان عقبة إبستيمولوجية خطيرة فالحقيقة التي أعلن عنها الطبيب هانري حول الدورة الدموية في الإنسان ظل الأطباء يرفضونها نحو أربعين سنة لأنهم اعتادوا على فكرة غير هذه ولقد بين برغسون بأن روتينات الأخلاق المشتركة ما هي سوى المبادرات القديمة التي جاء بها الأبطال والقديسون.وللعادة خطر في المجال الاجتماعي حيث نرى محافظة العقول التقليدية على القديم و الخرافات مع وضوح البراهين على بطلانها إنها تمنع كل تحرر من الأفكار البالية وكل ملاءمة مع الظروف الجديدة ،فالعادة إنما هي رهينة بحدودها الزمنية والمكانية التي ترعرعت فيها وهذا ما جعل روسو يقول(إن خير عادة للطفل هي ألا يعتاد شيئاً).
لكن رغم هذه الحجج لا ينبغي أن نجعل من هذه المساوئ حججاً للقضاء على قيمة العادة فهناك قبل كل شيء ما يدعو إلى التمييز بين نوعين من العادات (العادات المنفعلة والعادات الفاعلة).ففي الحالة الأولى الأمر يتعلق باكتساب حالة أو بمجرد تلاؤم ينجم عن ضعف تدريجي عن الفكر،وفي الحالة الأخرى يتعلق الأمر بالمعنى الصحيح لقيمة للعادة في الجوانب الفكرية والجسمية ولهذا فإن للعادة وجه آخر تصنعه الإيجابيات.
على عكس الرأي الأول فإذا كانت العادة طبيعة ثابتة تقل فيها الفاعلية وتقوى فيها العفوية والرتابة،إلا أن هذه الطبيعة المكتسبة ضرورية لتحقيق التلاؤم والتكيف بين الإنسان وبيئته فلا يمكن لأي شخص أن يعيش ويتكيف مع محيطه دون أن يكتسب عادات معينة ثم أن المجتمع ذاته لا يمكن أن يكون دون أن يفرض على أفراده مجموعة من العادات التي ينبغي أن يكتسبوها كلهم،ومثال ذلك أن يتعلم الضرب أو العزف على آلة موسيقية أخرى وقد بين*آلان*في قوله إن العادة تمنح الجسم الرشاقة والسيولة).وإن تعلم عادة معينة يعني قدرتنا على القيام بها بطريقة آلية لا شعورية وهذا ما يحرر شعورنا وفكرنا للقيام بنشطات أخرى فحين نكتب مثلاً لا ننتبه للكيفية التي نحرك بها أيدينا على الورقة بل نركز جل اهتمامنا على الأفكار،إذاً فإن عاداتنا أسلحة في أيدينا نستعملها لمواجهة الصعوبات والظروف الأخرى،وكذلك نجد من تعلم النظام والعمل المتقن والتفكير العقلاني المنطقي لا يجد صعوبات كبيرة في حياته المهنية على خلاف غيره من الأشخاص وكل هذا يجعلنا نقر بإيجابية العادة.
بالرغم من إيجابيات العادة إلا أنها تشكل خطراً عظيما في بعض الأحيان،وهذا ما نبه إليه رجال الأخلاق الذين لهم تجارب عدة في تبيين سلبيات العادة فنبهوا مراراً على استبداد العادة وطغيانها،فمن تعلم عادة أصبح عبدا لها،وعلى الرغم من الفوائد التي تنطوي عليها فإن لها أخطار جسيمة.
إن العادة تكون إيجابية أو سلبية وفقا لعلاقتها بالأنا،فإذا كانت الأنا مسيطرة عليها فإن العادة في هذه الحالة بمثابة الآلة التي نملكها ونستعملها حينما نكون بحاجة إليها وقت ما نريد،لكن العادة قد تستبد بالأنا(الإرادة) فتكون عندئذ عائقا حقيقيا ومن ثم يكون تأثيرها سلبيا بالضرورة.
وخلاصة القول أن السلوك الإنساني مشروط بمجموعة من العوامل الفطرية والمكتسبة و تشكل العادة أهم جانب من السلوك المكتسب،ولتحقيق التوافق بين الشخص ومطالب حياته المادية و المعنوية أو هي كما يقول شوفالي إن العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها) أو بتعبير أحسن أن يستخدمها الفكر لغاياته أو أن يتركها لنفسها


*يقول " روسو " : ( العادة تقسي القلوب ).
ويقول " مودسلي " : ( لو لم تكن العادة تسهل لنا الأشياء ، لكان في قيامنا بوضع ملابسنا وخلعها يستغرق نهارا ً كاملا ً )


مقالة من تحليلي حول سلبيات العادة واجابياتها(الطريقة الجدلية)

المقدمة:
اذا تاملنا السلوك التعودي وجدناه تكرارا آلي للافعال المكتسبة كما تعلمناها في الماضي ويكون الانسان في هذه الحالة سجين الماضي وبالتالي يكون هذا السلوك التعودي سلبي في حياته لكن لو تصورنا حياة الانسان بدون عادة وجدناها سلبية من التفكير المستمر و الممل في الامور التافهة ومن هنا نتساءل كيف يمكن للانسان ان يتخلص من سلبيات العادة كي يستفيد من ايجابياتها اكثر.
سلبيات العادة:
تلعب العادة دور الطبيعة لما لها من قوة تسيطر بها علينا فالذي تعود على التدخين نجده غير قادر عن الاقلاع عنه كذلك الذي تعود على طريقة معينة في المشي .
فهذا الامر جعل الكثير من الفلاسفة ينظرون اليها نظرة سيئة فهي بالنسبة اليهم تسجن الانسان في الماضي وتقف امام كل تجديد وتغيير من ما يمكننا من تفسير سهولة التكيف مع الاوضاع الجديدة عند الاطفال وصعوبتها عند المتقدمين في السن فالعادة تكون صارمة قدر ما تمتد جذورها في التاريخ فتزيد نسبة تكرارها فتضعف الارادة السما الاساسية للانسان فكما وصفها اوغست كونت *العادة جمود* فهي سلوك خال من التفكير لانه يتميز بالآلية فعدم استعمال الفكر يِؤدي الى الجمود فانها تعوق نشاط الانسان وتمنعه من التحرر والانطلاق نحو آفاق المستقبل وبالتالي تقف حاجز امام تطوره وتقدمه فالانسان يجد صعوبة كبيرة في التكيف مع الاوضاع الجديدة التي تناقض ما تعود ان يفكر او يعمل في نطاقه فالذي تعود على العيش في طقس بارد يجد صعوبة في التكيف مع الطقس الحار فالسلوك المبني على العادة يتصف بالتحجر و الرتابة والعادة بطبيعتها تولد في الانسان الميل الى الجمود والركود مما يؤدي الى اخماد روح المبادرة لديه وانعدام الرغبة في الابتكار و الابداع عبر عن هذا جون جاك روسو عندما قال *خير عادات الانسان ان لا يتعود شيءا*
لان العادة في رايه تعوق ارادة الانسان وتحض من فعاليته 
النقد:
هذا الاتجاه تشدد في موقفه لان العادة مهما قيل عن آثارها السلبية على سلوك الانسان تبقى وظيفة نفسية حيوية لتكيف الانسان مع البيئة الخارجية.
ايجابيات العادة :
العادة تلعب دور حيوي في حياة الانسان فالتوافق والانسجام بين افراد المجتمع مصدره العادة لانها تجعل البيئة مالوفةاليهم وهذا مايفسر لنا اليه العلاقات الاجتماعية ومرونتها وسهولتها وسلوكنا اليومي تتحكم فيه آليات جسمية ونفسية مختلفة مثل مختلف الحركات التي نقوم بها فآلية العادة يترتب عليها نقصان في الشعور والافعال والعمل يصبح سهل ومتقن لان العادة تكسب الشخص مهارة و خبرة ودقة وسلوكات تلعب دور اساسي في تكوين الشخصية الكرم القناعة وتغرس مبادئ تربوية حميدة في سن الطفولة فمينديبيرون يرى بان *العادة تقرب ادراكاتنا الحسية من الدقة والسهولة و السرعة لترتفع بها الى قمة الكمال*
النقد:
هذه الاثار الايجابية للعادة على السلوك لا تنفي امكانيات انعكاسها على السلوك بطريقة سلبية لان العادات ليست كلها حسنة فهناك العادات المظرة مثل : الكسل 'المخدرات' الادمان ....الخ
الخاتمة:
الانسان يجب عليه ان يحرص على تعلم العادات الحسنة والصالحة اما العادات السيئة فنقلع عنها بالعزيمة والارادة القوية والاصرار فلانستطيع التخلي عن العادة ولكن مانستطيعه هو اختيار العادات الحسنة واكتساب الارادة القوية اللازمة للاقلاع عن عادة نرى فيها فسادا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق