الجمعة، 7 أكتوبر 2016

تحليل نص فلسفي حول الحق بين الطبيعي والمدني

النص:
"كل إنسان كائن بمقتضى حق الطبيعة الأسمى، وبالتالى كـل إنسان يفعل، بمقتضي هدا الحق، ما يتبع ضرورة طبيعته وبذلك فكل إنسان يقر ، بمقتضي هذا الحق ، ما هو حسن وما هو ردي.، و يفكر فى مصلحته حسب مزاجه الخاص، فينتقم ،ويجتهد للاحتفاض بما يحبه ، والقضاء على ما يكرهه . أما إذا كان الناس عائشين بمقتضي قيادة العقل ، لكان كل واحد منهم حائزا لحقه الشخصي ، دون أن يضر بذلك أى إنسان أخر(...) لذلك فللآجل أن يعيشوا فى وئام وتعاون. وجب عليهم التنازل عن حقهم طبيعي، والتيقن من أن واحدا منهم لن يعمل على الإضرار بأى واحد أخر. أما كيف يمكن لناس. وهم معرضون بالضرورة للانفعالات، ومتغيرون غير تابتين_ أن يحصلوا على هذا اليقين، وأن يتق كل واحد منهم فى الأخر، فهذا ما يتبين من المبدأ التالى. إنه لايمكن دفع أى إنفعال إلابانفعال أقى منه وأن كل إنسان يتجنب فعل شر مخافة شر أفظع منه. بمقتضى هذا المبدأ، يمكن للمجتمع ان يدعى لنفسه حق الإنتقام الذى يدعيه كل إنسان لنفسه وأن يستطيع بالتالى وضع قاعدة للحياة العامة وسن القوانين وتأييدها لا بسلطة العقل الدى هو عاجز عن دفع أى إنفعال، بل بسلطة التهديد والعقاب. وأن هدا المجتمع الدى يتأيد بالقوانين وبقدرته على الإحتفاظ بداته، يسمى دولة، وهؤلاء يحكمون بقوانينه يسمون مواطنين".
السؤال:
اكتب مقالا فلسفيا حول مضمون النص
الجواب

-يبين هذا النص إشكالية الحق بين الطبيعي و المدني من خلال التقابل بين وضع الإنسان بين حالة الحق الطبيعي و حالة سيادة العقل ثم موقع و مال المجتمع الخاضع لقيادة العقل مع حضور الانفعالات داخل نفوس الأفراد، كيف يمكن أن ينعم الناس فيه بالأمن؟
-لتحليل هذا النص، سيكون من المنهجي تفكيكه إلى وحداته المعنوية المكونة له. إنها ثلاث كبرى:
تقرر الوحدة الأولى أن كل إنسان في حالة الطبيعية التي يتمتع فيها بحقوقه تمتعا كاملا يفعل ما شاء استجابة لضروراته الطبيعية، وبناء على ذلك، فهو الذي يقرر ما هو حسن بالنسبة له وما ردئ. ويفكر في مصلحته حسب مزاجه (أي حسب هوى نفسه)، فيحافظ على ما يحب و يقضى على ما يكره و فقا لمبدئه الانتقام الذي تدعمه الأنانية.
يعبر عن هذا الوضع العديد من الفلاسفة منهم سبينوزا وهويس و روسو...الخ يمكن القول أن ما يسيطر في هذا الوضع هو الشهوة، و لهذا يوصف بأنه عبد و لا يعرف مصلحته التي يمليها عليه العقل، يقل سبينوزا: الواقع أن الفرد أن الفرد الذي تسيطر عليه شهوته إلى حد أن لا يستطيع أن يرى أو يفعل ما تتطلبه مصلحته الحقيقية، يكون في أحط دراجات العبودية.
بينما تقرر الوحدة الثانية، أن كل إنسان تحت قيادة العقل، يجوز له حقه الشخصي دون إلحاق الضرر بأي إنسان أخر، وهذا ما يتيح له أن يعيش في وئام و تعاون مع غيره، و هذا يشترط أن يتنازل كل إنسان عن حقه الطبيعي و الشخصي لصالح سلطة عليا (فردا أو جماعة)، لأن ذلك في مصلحته عقلا، و هو أمر يجعل منه حرا لا عبدا، يعبر سبينوزا عن هذا الوضع بالقول: أما الحر فهو الذي يختار بمحصى إرادته أن يعيش بهداية العقل وحده، أما السلوك الذي يتحقق تلبية لأمر، أي بالطاعة فمع أنه يقضي على الحرية على نحو ما، فإنه لا يجعل من يقوم به عبا في الحال...أما الدولة أو نظام الحكم الدى لا تؤخذ فيه مصلحة الأمر بوصفها قانونا أسمى، بل تراعى مصلحة الشعب كله، فمن الواجب ألا بعد يطيع الحكم عبدا لا يحقق مصلحته الخاصة، بل مواطنا، وعلى ذلك تكون أكثر الدول حرية تلك التي تعتمد قوانينها على العقل السليم.
أما الوحدة الثالثة فتطرح قضية سجالية مضمونها كالتالي: كيف يمكن تحقيق العيش وفقا لمقتضيات العقل و الناس معرضون بالضرورة للانفعالات التي تعتبر مكونا من طبيعتهم؟
الجواب الذي يقدمه النص هو:
إذا انطلقنا من المبدأ الإنساني التالي: لا يمكن دفع أي انفعال إلا بانفعال أقوى منه.
وكل فرد يتجنب شرا مخافة شر أفظع منه.
فالنتيجة اللازمة عن ذلك هي: أن المجتمع لكي يعيش وفقا لمبدأ العقل عليه أن يمارس الانتقام من كل فرد تجاوز حدوده، و أن يضع قاعدة للحياة العامة لا يقبل بالخروج عنها، و أن يسن قوانين مدعمة بسلطة العقاب و التهديد، بهده الكيفية يحافظ على المجتمع على ذاته و يشكل حقا ما يسمى"بالدولة" و يحق لأفراد المتعاقدين و الخاضعين لسلطته أن يسموا "مواطنين".
-لمناقشة هذا التصور، لزم أولا بيان قيمته، ثم بعد ذلك مقابلته مع تصورات أخرى، فقيمة التصور لا تخفى على المستويين الفكري
والواقعي. فكريا، يندرج التصور داخل ما يعرف بفلسفة التعاقد و المجتمع المدني و السياسة و هي فلسفة يدخل فيها كثير من الفلاسفة و السياسيين و المنظرين للمجتمع المدني كسبينوزا و هويس وهيجل وروسو.
ومضمونها: أهمية العقل و التعاقد في تأسيس الدول التي يتعايش داخلها المواطنون. أما مقابلها فهو الفكر الذي يشدد على الطابع المتوحش للطبيعة الإنسانية ثم للمجتمعات البشرية. يمكن في هذا الصدد أن نقدم أراء فوريد في الإنسان و المجتمع و الحرب. فالنفس البشرية تتنازعها قوتان أو غريزتان: الأولي غريزة الحياة (الإيروس)، و الثانية غريزة التدمير (ثاناتوس)، و هما أصليتان في الهوا لا شعوريتان، ولا تتوقفان على العمل باستمرار داخل الإنسان. وتتجليان في الحياة المجتمعية التي تتميز بالحرب و الصراع و الدمار بالرغم من مظاهر الاستقرار والتعايش التي تبدو على السطح. فالحرب هي القدر المحتوم للحياة المجتمعية.
La guerre est un éxutoire inéluctable و ليس أدل على ذلك من كل المجتمعات البشرية تعرف الحروب (متقدمة أو بدائية). وهي حروب لا تنتهي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق