المادة : فلسفة الإشكالية
الثانية
:الفكر بين الوحد والتعدد.
الأستاذ: المشكلة الثالثة
: الفلسفة
الحديثة
الحصة: نظرية الموضوع : كيف تجاوزت الفلسفة الحديثة الفلسفة التقليدية ؟ المستوى : 2آف1 ، 2آف2 الحجم الساعي : 3 سا
الكفاءة
الختامية
|
الكفاءات المحورية والخاصة
|
المضامين المعرفية
|
الأمثلة وأقوال الفلاسفة
|
الكفاءة الختامية الأولى:
يتوصل المتعلم
إلى
التحكم في آليات الفكر النسقي
|
الكفاءة المحورية:
التحكم في آليات
التفكير المنطقي
الكفاءة الخاصة1:
ضبط المفاهيم المنطقية
|
مقدمة :
استطاعت الفلسفة الحديثة أن تتجاوز الفكر التقليدي القديم الذي كبل
فكر البشرية لعدة قرون مضت ، من خلال فلاسفة اعتمدوا أفكارا جديدة حاولوا تغيير
واقع الانسان الفكري والاجتماعيي على حد سواء ، لكن ماهي المرجعية الفكرية التي
استندت إليها الفلسفة الحديثة في تجاوزها لسلطان الفكر التقليدي ؟
ماهي الفلسفة الحديثة ؟:
الحديث لغة : ضد
القديم ، وهو يعني الجديد المتفتح على الحقائق والموافق لروح العصر .
أما في الاصطلاح
:فالفلسفة الحديثة هي فلسفة جديدة ،
وثورة على القديم وخاصة فلسفة العصور الوسطى الأوروبية التي سيطرت فيها الكنيسة
، وقيدت حركة العقل ، تحت شعار : " اعتقد ولا تنتقد " فكانت الفلسفة
الحديثة ثورة وتمرد على تلك المعتقدات .
بداية الفلسفة الحديثة:
اختلف الفلاسفة والباحثين في تحديدها بالضبط فمنهم من يرجع بدايتها إلى فترة سقوط القسطنطينية
، وانهيار الإمبراطورية البيزنطية ، وهجرة علمائها إلى إيطاليا ، وفرار الكثير
من أعلام الفكر والثقافة إلى الغرب ، محملين بمنابع الفكر ومصادر التراث ، فكانت
هذه نقطة تحول من العصر الوسيط إلى العصر الحديث . ومنهم من يرجع بدايتها إلى
الكشوفات الجغرافية الحديثة ، ومن أكبرها أثرا اكتشاف " كريستوف
كولومبس" لأمريكا أو العالم الجديد وهذا ما فتح أعين الغرب للتعرف على شعوب
أخرى متحررة من قيود الكنيسة ، ومن سلطتها القاسية ، مما دفعهم للعمل على التحرر
منها ومن أفكارها ، والتأسيس لفلسفة جديدة .ومنهم من يرجع بداية العصور الحديثة
إلى عهد اختراع الطباعة التي سمحت بتوسع انتشار الثقافة ،وخاصة اليونانية منها ،
والاسلامية وصدى بعض مفكريهم ، وهذا ما شجع على فهم جديد وأفكار إبداعية جديدة
تعبر عن الانسان الحديث وفلسفته.
ماهي مميزات الفلسفة
الحديثة :
1 ـ ظهور الفكر البرجوازي ، وتشجيعه
لبروز النزعة الفردية العنيفة في الاقتصاد ، والأدب ، والسياسة ، والدين ،
والفلسفة ...وغيرها .
2 ـ اتسام الروح الفلسفية الحديثة
بالرجوع إلى الطبيعة والمبادئ الطبيعية وقوانينها ، ومن ثمة الدعوة إلى المساواة
والتحرر من القيود .
3 ـ " العناية البالغة بالعلم
الآلي ، وظهور المنهج الميكانيكي وتطبيقاته ، وازدهار الصناعات ، وأثر كل ذلك في
سيطرة الانسان على الطبيعة وفهم الأرض والسماء ( تلسكوب ) وكان لهذا صدى كبير في
مجال الفلسفة وآرائها (المدارس المادية ، الروحية ، الإلحادية )
4 ـ الثورة على حكم الكنيسة وعلى
الدين ، وإقامة خصومة ضد فلسفة العصور الوسطى ، بأفكارها وطريقتها ولغتها ووصفها
بالجهل والبربرية ، ومن كل هذه المميزات والأبعاد تبرز كفلسفة مبتكرة .
لكن كيف استطاعت الفلسفة الحديثة
تجاوز الفكر التقليدي ، وما هي المرجعيات التي أخذت بها ؟
منهج الفلسفة الحديثة :
1 ـ الأخذ بمرجعية العقل :
إن الأخذ بميزان العقل كان المرجعية الأبرزالتي اعتمدتها الفلسفة الحديثة
كمرجعية وكمنهج للتحرر من قيود الفكر التقليدي ....ولنأخذ كنموذج في إرساء قواعد
هذه المرجعية العقلية : "ديكارت " الذي يسمى أبو الفلسفة الحديثة .حيث
عمل على أن يقدم طريقة ومنهجا للتحرر من الآراء القديمة وتجاوز الفكر التقليدي ،
والتأسيس للعلم والفلسفة وفق مبادئ جديدة .انطلق ديكارت ديكارت من الشك في جميع
المعارف ، والآراء العلمية التي تحصلنا عليها سابقا أي جميع العلوم من طب ، وطبيعيات ، وفلسفة ، وسياسة ، بل وجب
أن لا نثق حتى فيما قدمته لنا من حقائق حول الذات والله والعالم .
* والشك هنا ليس وسيلة لتحطيم وهدم
معارفنا وآرائنا ومعتقداتنا بل هو الطريق الأول للوصول إلى اليقين وأول ماشك فيه ديكارت : الشك في حواسنا وما
اكتسبنا ه بها لأنها تخدعنا ومن الحكمة ألا نطمئن لمن يخدعنا ولو مرة . لهذا يرفض
ويستبعد الحواس في تحصيل المعرفة ، ويعتمد بدلها أداة العقل كطريقة لليقين لأنه
أعدل قسمة بين الناس ( واحد عند الجميع ) ، لكن ألا
نشك في العقل ذاته ؟
هنا يقول ديكارت :" إذا صممت
على أن أشك في كل شيء ، فأخليت ذهني من كل معتقد ، وتوقفت عن أي حكم ، بقي أمامي
مع ذلك أمر مؤكد وهو أنني مهما أشك ، ومهما أفكر فلست بمستطيع أن أنكر من أنني
حين أشك ، فإنني في لحظة التفكير ، بل حتى في لحظة خطأ في تفكيري ، لا بد أن
أكون موجودا ، إذا أنا أفكر ،إذا أنا موجود "
إذن الفكر أو الذات العارفة تعتبر
حقيقة مؤكدة ووسيلة ذلك هي العقل الذي يثبت وجوده ثم يعرف الآخرين والعالم والله
، لكن كيف نستخدم هذا اليقين العقلي استعمالا منهجيا يوجه لبناء فلسفة جديدة ومتحررة
؟
وهنا يؤكد ديكارت أن أفضل وسيلة يمكن
اعتمادها هي العقل الرياضي .( المنهج الرياضي )
الطريق الاستنتاجي عند ديكارت: يقوم
على أربعة قواعد أساسية هي:
البداهة : وتتضمن
الشك والوضوح ، يقول : " أن لا أتلقى على الإطلاق شيئا على أنه حق ما لم
أتبين بالبداهة أنه كذلك ، بمعنى أن أبذل الجهد في اجتناب التعجل وعدم التثبت
بالأحكام السابقة ، وأن لا أدخل في أحكامي إلا ما يتمثل لعقلي في وضوح وتمييز
يزول معها كل شيء "
التحليل : أي
تفكيك الموضوع إلى أجزاء لمعرفة مكوناته
التركيب :
أي إعادة تأليف الأجزاء لتكوين رؤية مركبة ،
الإحصاء والمراجعة :
أي التأكد من المراحل السابقة والتدقيق في أمرها كمراجعة تضمن الدقة .
ب ـ الأخذ بمرجعية التجربة
:
* إن ملاحظة طريقة تعلم الأطفال
الصغار نجدها تنطلق دائما من الإحساس والواقع سواء في تحصيل المعرفة أو ترسيخها
في الذهن فنحن نتعلم من الواقع ولا توجد أفكار فطرية .
* الانسان الذي فقد حاسة من الحواس
فقد علما من العلوم ، ففاقد البصر لا يعرف الألوان ، ولا يميز بينها وفاقد حاسة
الشم لا يفرق بين الروائح وهكذا وكأن الواقع هومصدر المعرفة .
* الأحكام العقلية ليست دائما صحيحة
، ولا تضمن اليقين ، لأنه قد تخطئ وتوقعنا في الشك مثال: فمعرفة خصائص خلية
نباتية مثلا ، لا يمكن للعقل أن يصل إليها ، وكذلك مثلا : فهم خصائص الماء ،
وغيرها من القضايا التي تقتضي التجربة ضرورة ، وهذا ما يؤكده فرنسيس بيكون بقوله
:" إذا بدأنا في تأملاتنا باليقين انتهينا إلى الشك ، أما إذا بدأنا بالشك
وتحملناه في صبر إلى حين من الزمن ، فسوف ننتهي إلى اليقين "
لهذا فالعقل لوحده لا يمكن أن يفهم
حقيقة الأشياء ،ومن هنا يعتقد بيكون الذي يعد أبا للمنطق التجريبي الحديث ، أن
وظيفة العقل البشري ليس تفسير العالم وإنما فهم الأشياء ، والسيطرة على الطبيعة
( تجاوزها ) .
وهذا ممكن عند بيكون بقاعدتين : ـ
قاعدة التجريب ، وقاعدة الشك العقلي
ففهم الظواهر الواقعية ، ومعرفة
أسبابها لا بد أن يكون بعيدا عن الخيال والذاتية والتوهم حسب بيكون الذي اعتبرها
وجه سلبي للدراسة العلمية : وسماها بأوهام العقل البشري منها :
أوهام الجنس :
وتتعلق بالتحذير من الأحكام الخاطئة أو التسرع في إصدارها ، أو السقو ط في فخ
الاحكام العامة .
أوهام الكهف
: حيث يعتقد بيكون أن لكل إنسان كهفا خاصا به ، يعبر عن مختلف الميول والرغبات ،
المشكلة عن التربية والبيئة ، فتؤثر في تفكيره ، وقد تكون مفسدة للبحث العلمي .
أوهام السوق :
وتتعلق بالأوهام المرتبطة باللغة واستخداماتها فتتحكم الألفاظ في العقول فتقيدها
أو توقعها في الأخطاء ، ويؤكد أن هذا الوهم هو الذي أصاب الفلسفة والعلوم
القديمة بالسفسطة والجنون.
أوهام المسرح
: أي الحذر من القناعات والأفكار والمعتقدات السائدة والقديمة والتحرر منها ،
حتى لا نجعل الماضي يتحكم في الحاضر ، ولا الميت يتحكم في الحي .
بعد أن أظهر " بيكون "
العوائق السلبية التي تقف أمام البحث العلمي ، انطلق بعدها في التأسيس للمنهج
التجريبي والقواعد التي يقوم عليها في دراسته وهي :
ـ قاعدة جمع الحقائق عن الطبيعة (
وهي تمثل الملاحظة )
ـ قاعدة الوصف التجريبي مقرونا بالشك
العقلي في كل شيء .
ـ قاعدة الإحصاء الكلي للجزئيات (
حتى نتأكد منها ولا نتسرع في الأحكام )
هذه الأسس التي حاول بيكون وضعها
كبداية للدراسة التجريبية ،وهذا العمل هو ما طوره فيما بعد " جون لوك
" وجون ستيوارت ميل ودافيد هيوم ...وصارت هذه المجموعة تمثل المدرسة
التجريبية في الفلسفة ، والتي تقابل المدرسة العقلية بزعامة ديكارت وأتباعه.
* وعليه أصبحت الفلسفة الحديثة تأخذ
بمرجعية العقل من جهة ، وتأخذ بمرجعية التجربة من جهة أخرى ، وقد استطاع كانط
تجاوز مشكلة التعارض بينهما ، من خلال فلسفته النقدية المعبرة عن كثير من أفكار
الفلسفة الحديثة .
ما هو دور الفلسفة الحديثة
؟:
إن الفلسفة الحديثة كفلسفة جديدة بأفكارها
، ومنهجها ومبادئها التي دعت إليها ، لم تكن بمعزل عن واقعها ، بل كانت معبرة
عنه ، ومدافعة عن كثير من المبادئ التي انطبع بها العصر الحديث :
1 ـ إنها فلسفة تنويرية
عملت على تحرير وعي الانسان وتنويره :وذلك من
خلال:
* الابتعاد عن الأوهام ، والاعتقادات
الفاسدة ، والأحكام المطلقة ، والتحرر من التأمل الميتافيزيقي الذي لافائدة منه
.
* العمل على إيقاظ الوعي الإنساني ، والإعلاء
من شأن العقل ، والانفتاح على التجارب العملية الحية .
* تنمية قدرة الإنسان على معرفة نفسه
، ولمظاهر القوة والضعف في شخصيته ، ولدوافعه ن وحاجاته ومشاكله ، والاقتناع بأن
الأفكار والمعارف الجديدة تكتسب بالعمل والاجتهاد والتجارب ، وتحرير العقل للأخذ
بالأفكار كمنتوج بشري ـ مشاع للجميع ـ
* الدعوة لتحقيق الإخاء الإنساني ،
بمعرفة قيمة الإنسان ، والدعوة للرفع من كرامته في العمل والحقوق والعدالة
والتسامح دون تمييز.
2 ـ إنها فلسفة عملية تسعى
لتغيير الواقع الاجتماعي للانسان :
فالفلسفة كرسالة فكرية ، وكوسيلة
تغيير ، تسعى لتثير وعي الانسان وتدفعه للتحرر من القيود ، من هنا كانت الفلسفة
تعبيرا عن الواقع الاجتماعي للإنسان ومحاولة فهمه ، والعمل على تغييره إلى ما هو
إيجابي في المجالات السياسية ، والاجتماعية والاقتصادية ، والدعوة إلى إرساء
القانون وإقامة العدل ومحاربة الظلم والتمييز.
ويمكن التعبير عن هذه المعاني من خلال النقاط
التالية :
* الدعوة للمساواة بين الأفراد وعدم
التمييز بينهم ، بإيجاد صيغ قانونية عادلة ، لأن حظوظهم في الطبيعة واحدة ، وهذا
يقتضي محاربة الاستبداد والتملك الجشع والاقطاعية الفاسدة .
* العمل على تصحيح نظرة الانسان
للقيم ( الخير ، الحق ، الجمال ) وإرساء معاني روحية وخلقية وجمالية تعبر عن
كرامة الإنسان والفطرة النقية .
* إعلاء قيمة العقل على اعتبار أنه
أعدل قسمة بين الناس ، والحكم على الآخرين من خلاله بلا تمييز أو استعلاء ، وهذا
يشجع على الحوار بين الأفكار والتواصل والتلاقح فيما بينها ، وإيجاد صور للتسامح
الديني والاجتماعي .
* رفض الهيمنة والديكتاتوريات والعمل
على بناء مؤسسات قانوني تحمي بها الانسان ، وتعبر عن طومحاته ، بوسائل سلمية
مقبولة من الجميع.
خاتمة :
وعليه فالفلسفة الحديثة لعبت دورا
رساليا على مستوى العقل وتنويره وعلى مستوى الواقع وتغييره ، وذلك بإحداث تجديد
في الافكار والتصورات ، وفي إبداع المناهج ، ووسائل البحث ، وفي كيفية النظر إلى
الواقع والعمل على تغييره.
|
يقول ديكارت : " ما كادت نفسي
تسمح لي بالتحرر من سلطة أساتذتي ، حتى هجرت دراسة اللآداب هجرا ، وصممت على ألا
أطلب من العلوم إلا ما في نفسي ، أو ما شتمل عليه الكتاب الكبير ، كتاب العالم"
ويقول:"
الأحاسيس إنما هي أفكار غامضة مبهمة لاتؤدي إلى اليقين الذي نتوخاه "
يقول :"أن
أقسم كل واحدة من المعضلات التي أبحتها ما استطعت إلى القسمة سبيلا وبمقدار ما
تدعو به إلى الحاجة على أحسن الوجوه "
يقول :"
أن أرتب أفكاري فأبدا بأبسط الأمور وأيسرها معرفة وأتدرج حتى أصل
إلى معرفة أكثر تعقيدا "
يقول :" أن
أعمل في جميع أحوالي من الاحصاءات الكاملة والمراجعات الوافية ما يجعاني على ثقة
، من أنني لم أغفل شيئا يتصل بالمشكلة المعروضة بالبحث
|
بارك الله فيك يا أستاذ
ردحذفشكرا
ردحذفشكرا
ردحذفشكرا استاذ
ردحذفلماذا لا يظهر كليتا
ردحذف😊😊😊😊😊😊
ردحذف